البؤس لا يصنع الرجال!

فكرة أن الأوجاع والصعوبات تصنعنا ليست فكرة مكتملة، بل ما يصنعنا فعلا هو تفاعلنا معها، طريقة رؤيتنا لها

أحمد خالد توفيق

دعك من كلام الدورات، او الكوتش. بدويا كان ام حضريا، مكتسب المهارة او منزلة عليه. العالم يعيش البؤس، التعفن والقهر جانب خفي من الحضارة الجاثمة. وقبلة اخيرة او وردة لا يمكن ان تدخلك الى عالم السعادة الابدي؛ وجه البؤس الذميم وأنفه المعقوف حتى وان كان بهامته التي تشبه “الجبلاوي” في رواية اولاد حارتنا لنجيب محفوظ: ابن كلب لقيط ويتربص بنا كل وقت.

الدراهم المعدودة التي تسد رمق الجوع، لا تكفي لشراء دقائق من السعادة. حضن دافئ لن يغيب عليك القهر الذي يشمت بك، والاخ الكبير يمرر عباده في صراط الارض المسنن، تباعا من اجل اختبار ايمانهم. تصمد بدون مقاومة؛ تسلم. تتمرد؛ تنزل عليك اللعنة، تذهب الى الجحيم وتحمل تلابيب الحيف والقهر معك. دعك من حربك الصغيرة مع النفس، تهكم في العالم ولا تحني الرأس؛ الحرب سجال.

تخرج حبيبتك زفرة حرى، تضغط على قلبك الصغير بحضن اخير، تريد علاج تهورك ومساومتك، لكن من يستيطع تغيير الهشاشة بكلمة حب. تترك طاولة المساومة مع الاخ الكبير، تبتسم له تقيم متاريسك لكنه خبير حرب بالوكالة، يقصفك بكل ما أوتي من قوة الطبيعة وقداسة منحه إياها البشر؛ ان تصبر تأتى خيرا منها، يقول.

بيده السمجة اتخلى عنه، اقوم بتطليقه انفث اخر سيجارة لي وأساق الى الصراط المسنن “ها انا على ارضك ايها الكبير، الصراط لا يكفي للابادة. لكنه حتما عفن الم تكن الحياة محققة بالتساوي للجميع”.