لماذا يحتج الأساتذة في المغرب ؟

في الآونة الأخيرة، يشهد المغرب احتجاجات (إضرابات، مسيرات، اعتصامات…) واسعة النطاق من قبل الأساتذة وموظفي قطاع التربية والتعليم احتجاجًا على إقرار نظام أساسي خاص بموظفي قطاع التربية (مرسوم رقم 2.23.819) في 6 أكتوبر 2023  الذي يؤثر بشكل كبير على حقوقهم ومكتسباتهم وينتهك كرامتهم ووضعهم الإعتباري داخل المجتمع. تم تقديم هذا النظام الأساسي كجزء من إصلاحات التعليم التي تسعى الحكومة المغربية إلى تنفيذها بهدف تحسين جودة التعليم وبناء نظام تربوي “عادل ومحفز ومنصف”.

لكن هذا النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية في المغرب يتضمن تغييرات مجحفة وقاسية في شروط العمل والرواتب والحوافز والمهام والعقوبات. من أبرز المطالب الأساسية للأساتذة والمعلمين الذين خرجوا في احتجاجات حاشدة أخرها المسيرة الوطنية يوم 7 أكتوبر 2023 والتي كان شعارها “الكرامة أولا لرجال ونساء التعليم”، هو ضرورة حماية حقوقهم الاجتماعية والإقتصادية والحفاظ على كرامتهم المهنية.

ويمكن تلخيص مخاوف هذه الفئة من النظام الأساسي الجديد، فيما يلي :

تقليص الأجور والمكتسابات: يخشى الأساتذة أن يؤدي النظام الأساسي الجديد إلى تقليص رواتبهم وفقدان المكتسابات التي ناضلت عليها الشغيلة التعليمية من أجل انتزاعها، كما أن هذا النظام لم يتضمن الزيادة في الأجور عكس الأنظمة الأساسية لموظفي قطاعات أخرى كقطاع الصحة والتعليم العالي والصحافة…

عدم احترام الحقوق العمالية والنقابية: يعارض الأساتذة القوانين التي قد تؤدي إلى تقليل الحقوق العمالية والنقابية (الحق في الإضراب…) وتقليص الحماية الاجتماعية بسبب مقتضيات هذا النظام الإساسي (العقوبات…).

نقص التشاور والشفافية: ينتقد الأساتذة عدم مشاركتهم في صياغة هذا النظام الأساسي، ويشعرون بأنهم لم يُشرَكوا في عملية اتخاذ القرار، بالإضافة إلى ذلك، فإن النقابات (UMT وCDT وUGTM وFDT ) الموقعة على الإتفاق الأولي يوم 14 يناير 2023 استنكرت انفراد الوزارة بإحالة مرسوم النظام الأساسي على مجلس الحكومة ونشره في الجريدة الرسمية قبل الحسم في العديد من الملفات والقضايا العالقة، وأعتبرت ذلك خرقا سافرا لمبدأ الإشراك وخروج عن منهجية اتفاق 14 يناير 2023.

وقد تأثرت العديد من المؤسسات التعليمية بجميع الأسلاك في المغرب بالاحتجاجات، حيث تم تعليق الدروس وتأجيل الامتحانات في جلها. كما يعبر الأساتذة عن قلقهم بشأن تأثير هذه الاحتجاجات على التعليم ومستقبل التلاميذ، وهذا ما يأكدون عليه في معظم معاركهم النضالية، حيث يرفعون شعار “عذرا تلاميذتنا ! نحن مضطرون للإحتجاج من أجل التعليم العمومي والمدرسة العمومية”.

على الرغم من استمرار الاحتجاجات، تدعو التنسيقيات (التنسيق الوطني لقطاع التعليم – يضم 21 تنسيقية بالإضافة إلى نقابة FNE -، التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب، والتنسيقية الوطنية لأساتذة الثانوي التأهيلي…) الحكومة للجلوس إلى طاولة الحوار للبحث عن حل للأزمة، لأن الحوار هو السبيل الوحيد للتوصل إلى تسوية تلبي مطالب الأساتذة والشغيلة التعليمية وتحسين التعليم العمومي في المغرب. ومن أبرز مطالب الشغيلة التعليمية، ما يلي:

إعادة التفاوض: يُطالب الأساتذة بإعادة التفاوض على النظام الأساسي بمشاركتهم الفعالة في عملية صياغته.

الحفاظ على الكرامة أولا والمكتسابات السابقة وزيادة في الأجور: يُطالب المحتجون بالحفاظ على كرامة رجال ونساء التعليم والرفع من الرواتب والأجور والتحفيزات وعدم المساس بالمكتسابات السابقة للأساتذة.

زيادة الشفافية والتشاور: يُطالب الأساتذة بزيادة مستويات الشفافية والتشاور في عملية اتخاذ القرارات المؤثرة في حياتهم ومسارهم المهني.

تظل احتجاجات الأساتذة في المغرب جزءًا من الحوار الاجتماعي حول مستقبل المدرسة العمومية في البلاد، كما يجب على الحكومة إيجاد حل يلبي احتياجات الجميع (المدرس، والتلميذ…) ويعزز من جودة التعليم في المغرب دون المساس بحقوق وكرامة المعلمين والأساتذة وموظفي قطاع التربية.